Thursday, June 10, 2010

مطلبنا الأول هو الحرية






يتناول الكاتب قضية الحرية من زوايا عدة لكنه قبل ذلك يؤكد مبدأ عام، حيث يجب أن تكون الحرية بجميع مستوياتها هي المطلب الأول قبل أي مطلب ديني أو دنيوي وقبل شعارات تطبيق الشريعة الإسلامية، فهي التي تحول دون الشطط والخطأ وتحمي الأفراد من البطش والاستبداد وانتهاك حقوق الأفراد، وتمهد للتفكير السليم وإعمال العقل وتمكن من تصحيح أية أخطاء. يقول الكاتب في الباب الأول من الكتاب أن للحرية طابع فردي وآخر جماعي وكلاهما متداخل، وأول وأعلى مستوى للحرية هو حرية الفكر والاعتقاد، ثم حرية التعبير في الكتابة والصحافة ووسائل الإعلام، ثم حرية العمل الاجتماعي والسياسي في تشكيل المنظمات والأحزاب، وفي النهاية تحرير المرأة على عدة مستويات.
حرية الفكر والاعتقاد هي أساس جميع مستويات الحريات الأخرى وبدونها يستحيل تحقق أي قدر من الحرية في أي مجال على كافة الأصعدة، ويشمل هذا حرية تغيير المعتقد الديني نفسه بدون تكفير أو تجريم، فالوقوع في الخطأ لا يبرر كبت وقمع الحريات.
حرية التعبير هي أن يتمكن الفرد من الإعلان عن فكره ونشرها بأي وسيلة متاحة بدون رقابة أو قيود أو حظر أو تجريم، وهذا النوع من الحريات يقود المجتمع للتقدم والازدهار على كافة الأصعدة، وأحداث التاريخ يثبت صحة ذلك. إن حظر مناقشة أي شيء باعتباره من المحرمات والثوابت يمنحه هالة من القداسة الوثنية ما يؤدي للجمود الفكري والتخلف، لكن النقد ليس معناه الهجوم والتجريح والسب، ولا يجب تجريم وتكفير أي ناقد لأنه يحرك المياه الراكدة في الفكر ويدعو للبحث عن الحقيقة والسعي وراء الحكمة، بل يجب أن يفند أو يرد على الفكر بفكر مماثل. يجب إلغاء أي قيود على كل وسائل التعبير لتقوم بدورها في دفع البشر لطريق التقدم وتحمي حقوق الإنسان فهي أكبر عامل للنهوض السياسي والاجتماعي والاقتصادي ونشر الثقافة والمعرفة.
الحريات الفردية السابقة تفوق في الأهمية الحريات الجماعية التالية لها والمبنية على أساسها، وهي حرية التنظيم النقابي الأقل حظا في مصر، وحرية تكوين الأحزاب والمنظمات المجتمع المدني.
لا تقل حرية المرأة عن الحريات سالفة الذكر ، ومشكلات حرية المرأة لا تكمن في المستوى الرسمي والقوانين بل في المناخ الذي يحيط بها في المجتمع والعادات والتقاليد والأعراف والمفاهيم المغلوطة والحساسية المفرطة فيما يتعلق بوضع المرأة. أسوأ وضع للمرأة هو تصورها دوما أنها تابعة دوما للأب والأخ والزوج. عطل الفقهاء القدامى لقرون طويلة أحكاما شرعية تحرر المرأة وقهروها وقمعوا حريتها الشخصية. لن تتحرر المرأة إلا بإدراك العربي المسلم لجوهر حرية الإنسان وأن المرأة إنسان، وهذا الإدراك يحتاج لجهود مكثفة ووقت طويل للسماح للمرأة بالاختلاط وحرية الحركة وارتداء الملابس بأنواعها ونبذ العنصرية والحساسية والنظرة الدونية للنساء واحتقارهن بزعم كونهن أقل ذكاء وعقلانية.
في الباب الثاني يتناول الكاتب تفاعلات الحرية في المجتمع ذي الطبيعة المركبة المعقدة، ويقول أن أبعاد مفهوم الحرية هي الفكر والحق والعمل. الحرية الفردية تصب في النهاية وتخضع لحرية المجتمع فالإنسان لا يعيش بمفرده، وقد تسلب الحياة المدنية الحديثة في المجتمع حرية الفرد الذي يخضع للقوانين والأعراف التي تنظم حريته، وهذه هي العلاقة بين الحرية والقوانين المنظمة لها.
من الأبعاد الأخرى التي يتناولها الكاتب مسألة ارتباط الحرية بالعدالة فهما ليسا متعارضان بل متكاملان وتحمي وتكفل إحداهما الأخرى، لكن الحرية المطلقة بلا ضوابط قد تضير تطبيق العدل أحيانا، وفي نفس الوقت العدل كأعلى القيم الإسلامية والقيمة الحاكمة والتي ورد ذكرها كثيرا في القرآن لن تتحقق أبدا في غياب الحريات بأنواعها. بالتالي لا عدالة في غياب الحرية ولا حرية في غياب العدالة، فكلاهما يدعم الآخر. كل ما سبق يستدعي تفعيل الديمقراطية تحت ظل وحماية الحرية لها.
الرد على زعم أن الحرية تثير الفتن والفوضى والقلائل وتهدر المال والجهد والوقت هو أن تطور الحياة سيحول دون استمرار أي جوانب سلبية للحرية، كما أن الاختلاف والتعدد من سمات البشر الطبيعية وثمرة إعمال العقول، كما أن الخطأ سيؤدي بالتجربة للصواب في النهاية. إن سيادة مناخ الحرية سيكفل الاستفادة من التعددية في المجتمع.
يتناول الكاتب في الباب الثالث أعداء الحرية ومناهضيها وهي السلطة القامعة لكل الحريات بكامل مستوياتها، والحياة العسكرية بانتهاكها للخصوصية الفردية والإجبار على الفجاجة والوحشة والطاعة العمياء، ودعاة الحكم الشمولي السلطوي المستبد الذي يقضي على كل الحريات، وأخيرا فقهاء التقليد متبعي السلف ذوي الرؤى المتحجرة للدين ممن يغلقون باب الاجتهاد ويحرقون الكتب ويتمسكون بالمؤسسة الدينية ككيان متجمد مع إضافة هالة من القداسة حوله. يجب أن يكون الولاء الأول للفرد لحرية الإنسان وليس للنظريات والأنظمة والأشخاص.
يختم الكاتب بالباب الرابع ويتناول فيه واقع الحريات في مصر والدول العربية، ودعا لإعادة دستور 1923 مع إجراء بعض التعديلات بالحذف والإضافة، لكونه أفضل دستور يكفل الحريات بشكل ممتاز، لكن انتهى أمرة بثورة 1952، والثورات العسكرية تقضي على كل الحريات بالطبع وتقهر المواطنين. الدساتير التالية لدستور 1923 كانت مفصلة تبعا لأهواء الحكام ولم تكفل الحريات ولم تكن نابضة بالحياة.
يقول الكاتب أن الحريات حالتها أسوأ في الدول العربية مقارنة بمصر، ويضرب الأمثال في سوريا والعراق وحزب البعث في كلاهما والحكم العسكري أيضا في كلاهما وفي السودان، بينما باقي الدول العربية شرقا عادت لجاهلية حكم الشيوخ القبائل، ودول شمال أفريقيا صارت متفرنسة ولم تكفل الحريات لمواطنيها أيضا. الاستنتاج هو أن سر تأخر العرب هو قمع الحرية بمختلف صورها وقهر الإنسان، ولا سبيل للتقدم والرقي إلا من خلال نوافذ الحرية.



Liberty is our First Demand

The author argues that without liberty, on all levels, nothing of progress, development or Islamic Revival could be achieved. Therefore, liberty should be the first demand or people on top of the list of other religious or secular demands. Liberty prevents false steps and decisions, tyranny and repression. Liberty helps to redress any mistakes committed, however small or grave they might be, via freedom of expression, thought, and belief. Committing mistakes should not be a pretext to suppress and quell freedom. There are collective land individual liberties, and both kinds are of paramount importance.
Political freedom would create a renaissance in any Islamic country when other levels of liberty are guaranteed. Liberty of thought paves the way for all other civil liberties and human rights. Liberty guarantees rights, and justice guarantees both rights and all liberties. Considering some things as taboos would give them an aura of hallowedness, which is pagan-like, and thus, leading people to mental rigidity and backwardness, as they would not discuss these taboos. Hence, the quest for wisdom and the search for truth are impeded.
Any thought criticizing something should be refuted by a similar thought, not by resorting to suppression and violence. When freedom of expression is guaranteed, it would be a great facto of development on the social, political, and economical levels. Another important multi-faceted issue is the liberation of women. Women are suppressed due to false, deep-rooted notions, which are inherent in the society since many ages, chief among them the claim of women as being mentally inferior to men.
Liberty is closely linked to the value of justice, as both propagate and guarantee each other, yet each one prevents the other from misuse and manipulation. They complement each other under the legitimacy of democracy, law, and pluralism. Our loyalty should be to personal liberty first, not to theories, systems or leaders.

No comments:

Post a Comment