Thursday, June 10, 2010

الإسلام وحرية الفكر







يشمل الكتاب ما كتبه الكاتب في خلال عقدين من الزمن عن حرية الفكر وكيف أن الإسلام يدعو إليها دوما، مع إفراد قسم كبير من الكتاب عن حرية الاعتقاد الديني وتفنيد مزاعم وجود حد دنيوي للردة. يدافع الكتاب عن حرية الفكر ليس في مجال الدين فقط بل في مجالات المعارضة السياسية والنقد الاجتماعي والبحث العلمي، بخلاف حرية العمل النقابي والحزبي وتكوين الهيئات بدون رقابة أو كبح أو مصادرة أو تدخل من السلطة. ينبع كل ما سبق لليقين الراسخ بأن الحرية على كافة الأصعدة هي نقطة البداية للتقدم للأمة الإسلامية والعربية، وأن أي أيديولوجية أو فكر مصيره الانهيار والفشل في ظل غياب الحريات بكل مستوياتها. حرية الفكر تكشف الأخطاء وتفسح المجال والأفق لكشف الأبعاد الكثيرة المتنوعة لكل مجال، وتحول دون الاستبداد والقهر والظلم والتطرف الفكري وتخلق مناخ الإبداع والأمان والكرامة. حرية الفكر هي الطريق للحقيقة، وبالتالي هي أولى الحريات التي ينادي الكاتب بها لأنها تمهد لباقي الحريات الأخرى.
في البداية يناقش الكاتب حرية الاعتقاد، ويقول أن الإيمان لا يزدهر إلا في مناخ الحرية وبدونه يتحول الإيمان لمجرد طقوس. سبب تأخر المسلمين هو عدم إعمال العقل والفكر وغلق باب الاجتهاد وتقديس السلف واعتبار الفقهاء كالكهنوت وكل هذا قاومه الإسلام. استشهد الكاتب بالعديد من الآيات القرآنية التي تؤكد حرية الفكر والعقيدة، وأن الإيمان هداية والاختلاف قضاء وكلاهما من الله وأن الإسلام يشمل جميع الرسالات السماوية، وأنه لا إكراه في الدين. يؤكد القرآن الموقف من المرتد بأن عقابه في الآخرة وليس له عقوبة دنيوية على يد البشر لأنه الإيمان محله القلب لا بالإجبار والاستتابة المزعومة للمرتد. يؤكد القرآن أن الحرب والقتال للدفاع عن الدعوة وعن النفس وكرد فعل على العدوان لا لإجبار الناس على الإيمان قسرا، بل إحلال نظام صالح كبديل لآخر فاسد. كانت الفتوحات الإسلامية إنسانية وعلى المستوى الشعبي للقلوب المتعطشة للتحرر والرقي. إن حكمة الإسلام في حرية الاعتقاد هي دليل انه الدين الخاتم للناس جميعا ولأن البيئة الحرة هي التي يزدهر فيها الإيمان الفعلي دون سواها، كما أن المساس بحرية الاعتقاد يفتح باب قمع باقي الحريات بأنواعها. لابد من الانتباه إلى أن الحسابات الإلهية تختلف كثيرا عن الحسابات البشرية خاصة فيما يتعلق بالضمير والإيمان.
بعد ذلك يذكر الكاتب قضية الحرية في الإسلام، ويقارن بين مفهومها في الإسلام وفي أوروبا. الحرية في أوروبا تعني "الإنسان-الإله" محور الكون وله حرية جامحة بلا حدود مما تؤدي للخلل والدمار والتجاوز والشطط وقد يؤدي التركيز في المتع الحسية والحياة المادية في ظل خواء روحي إلى الجنون أو الاكتئاب أو الانتحار. الحرية في الإسلام مبنية على المثل والقيم العليا وهداية الأنبياء عن طريق الوحي الإلهي، وهي حرية تهدف للعدالة والحق وتكبح جماح الشهوات ولا تؤدي للشطط. نقطة التلاقي بين الحرية الأوروبية و الحرية الإسلامية هي نقطة التلاقي: الإنسان، لكن الإنسان لديه ميل فطري للنزوع للأصل، وهو الخالق، والفنون هي صورة مقلدة لقيم الأديان لكنها تعجز وحدها عن علاج وشفاء الروح في حالة عدم وجود دين.
لفظة الحرية لم ترد في القرآن صراحة، لكن للدين تعبيرات ومصطلحات خاصة، والقرآن أقر مبدأ حرية الاختيار للإنسان في العديد من الآيات، وأهمها عدم إكراه الناس على الإيمان. الحرية مضمون اجتماعي حي لا مفهوم مجرد بلا ضوابط، ومن هنا جاءت المحرمات في القرآن، كما أن الحرية لا تعارض مفهوم القضاء والقدر بل هي متفرعة من الحق وتؤدي إليه وليست الحرية منطلقة من الإرادة الإنسانية فحسب، بل هي إرادة الله أيضا.
أعداء الحرية هم الكهنة والسدنة وأصحاب المؤسسات الدينية، وهم في مصر دعاة مزاعم قتل المتردين، بينما الإسلام الحق بدون كهنوت أو مؤسسات دينية منح الحرية والحقوق للعبيد والنساء. بالنسبة لسؤال كيف نمنع الحرية من أن تتحول لفوضى، يقول الكاتب أن الحرية حق مشروع والحرية تحمي الحق والعدل وبالتالي يحمي الحق والعدل الحرية، مما ينتج عنه عنصري الالتزام والمسئولية ووجود ضمانات دينية ودنيوية تحمي الحرية من سوء فهمها واستغلالها.
يقول الكاتب أن الضمانات التي تصون الحرية والحقوق في الإسلام هي 1) القضاء على مظاهر الوثنية ومنها عبادة الأشخاص (فنانين وسياسيين...الخ) 2) سيادة القانون 3) الشورى والبيعة والحسبة وحرية المعارضة وحرية التعبير عن الرأي 4) حماية الخصوصية ومنع التجسس والتفتيش لنشر الأمان 5) العدل الإسلامي.
يقول الكاتب في الفصل التالي أن الإسلام يتكيف مع العلمانية أكثر من أي دين آخر ويمكن أن يفيد ويستفيد من العلمانية. تكمن مشكلة رفض العلمانية في مئات الآلاف من الأحاديث الموضوعة المنسوبة زورا للرسول، وفي الفقهاء القدامى ممن خضوعا لمناخ سياسي واجتماعي مختلف وظروف مختلفة فانتشر إسلام السلطان، وبالتالي لا يؤخذ بالسلف لكي نحرم العلمانية تماما. تعقدت فكرة رفض فقهاء اليوم للعلمانية بسبب مقارنة آثارها على المسيحية في أوروبا بما قد يحدث للإسلام لاحقا من إلحاد، لكنها مقارنة خاطئة لأن مشكلة المسيحية تكمن في المؤسسة الدينية والكهنوت والتعقيدات اللاهوتية والميثولوجيا المنافية للعقل مما جعل الناس تنفر عنها، على عكس الإسلام. الدين الإسلامي يمكن أن يحقق للعلمانية التوازن لإنقاذ الناس من الخواء الروحي وكبح الشهوات ومساوئ الحرية المفرطة ولن يقع صراع بين الإسلام والعلمانية كما حدث بينها وبين المسيحية، ودمج العلمانية مع الإسلام سيحول دون قيام دولة دينية (ثيولوجية) مقيتة بل ستكفل الحريات في إطار العدل الإسلامي.
أهم خطوة في هذا الصدد هو نبذ السلفية لأن ظروف الماضي لا تناسب العصر الحديث ونبذ بدعة حد الردة وفكرة إدراجها في القانون، ونبذ فكرة تكفير الناس بمقولة مضللة هي "من جحد معلوما من الدين بالضرورة"، فالقرآن هو الأصل الأعظم لنستمد منه الأحكام ولم يرد فيه أي حد للردة، كما أن الرسول لم يأمر بقتل المرتدين إلا في حالة اقتران الردة بمحاربة المسلمين فقط. كل ما سبق يفند آراء المفكرين الإسلاميين ممن يريدون إدراج حد الردة المزعوم في قانون العقوبات المصري.
Islam and the liberty of thought


The liberty of thought and belief, as advocated in the Quranic text and the Sunna, was ignored for centuries by Salafist religious scholars who urged the killing of those who forsaken Islam to convert to any other religion. Liberties of all kind begin with the liberty of thought and belief, and the edict to kill Muslims who choose to convert to any other religion is refuted with evidence from the Quranic verses and the Sunna, as well as logical, rational evidence. Liberties of all kinds could not thrive as long as liberty of thought is not guaranteed. Faith could not flourish except in a state of liberty, as coercing people to believe contradicts flagrantly all human rights especially the ones ordained in the Quran. Liberty is the factor that reveals any mistakes and shortcomings in any field, and thus would prevent tyranny, injustice, and extremism. Liberty paves the way for creativity, security, dignity, and progress.
Enemies of liberty of thought are the religious institution and its people who are defending their acquired rights and authority. No justice could be applied without liberty, and Salafist thought should be discarded altogether, along with the notion of theocratic state, as both do not suit the modern era. We should not accuse people of apostasy and heresy, as God is the One who would judge all people in the Afterlife, and this is not our mission here on earth.
A comparison between the concept of liberty in European thought and Islamic thought reveals a great deal. European civilization has developed the concept of the deified human being as the center of the universe, and later materialistic affluence, with spiritual void, led to errant, eccentric behaviors, and sometimes to depression and destruction of self and others. On the other hand, Islamic notion of liberty though focuses on the human being, it asserts its instinctive tendency to turn to God and it restores spiritualities in its proper stature to heal the soul and overcome the moral vacuum. Hence, Islam curbs the misuse of liberty, by lending it morals (like justice, truth…etc.) and spiritualities. This will prevent liberty from manipulation and from turning into chaos.
Among the guaranties that would prevent liberty from turning into a destructive force are the following: 1) elimination of paganism in all sorts, like hero-worship, hallowing notions, people, things…etc. 2) sovereignty of the law 3) applying Islamic justice 4) elimination of all tools of suppression to promote security 5) freedom of expression.

No comments:

Post a Comment